عند استحضار التجربة الجنوب كورية، ما يلفت النظر تحول هذه الدولة من أفقر البلدان، إلى دولة هي صاحبة رابع عشر أك
عند استحضار التجربة الجنوب كورية، ما يلفت النظر تحول هذه الدولة من أفقر البلدان، إلى دولة هي صاحبة رابع عشر أكبر اقتصاد بالعالم ورابع أكبر اقتصاد في آسيا، جاعلة من نفسها اليوم قوة اقتصادية وتجارية وصناعية وتكنولوجية. العديد من العوامل وقفت وراء هذا التحول، ومن أبرزها الجهود التي بذلتها شركات القطاع الخاص العاملة في مختلف المجالات، والتي ساندت عبرها دولتها لكسب السباق والتقدم خاصة في تكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا الخضراء، وما أفرزته من حلول ومنتجات باتت عنواناً لملايين المنازل في مختلف أنحاء العالم.
"سامسونج إلكترونيكس" التي تأسست في العام 1938 بجذور تجارية ظلت تتوسع وتتنوع في أعمالها حتى امتدت لتشمل صناعة الإلكترونيات وأشباه الموصلات أواخر الستينيات، والتي تعتبر اليوم رائدة الحقبة المتقدمة في مجال الأجهزة المنزلية الرقمية، والأجهزة السمعية والبصرية، وأجهزة الترفيه المنزلي، فضلاً عن كونها اللاعب الرئيس في السوق العالمية للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والأجهزة القابلة للارتداء، كانت جزءاً لا يتجزأ من عملية التحول التي شهدتها كوريا الجنوبية، مسهمة في تحفيز النمو والازدهار ضمنها، ومتمكنة من الانتشار حد الهيمنة العالمية.
هذا التطور لم يأت من فراغ، إنما جاء بفضل تركيز الشركة على الابتكار. ليس من أجل الابتكار بعينه، بل من أجل ما يضفيه من قيمة وتجارب وإمكانات تكنولوجية وحياتية وإنسانية تتكامل مع بعضها. في رحلتها الابتكارية لم تغفل الشركة عن ربط الابتكار بالمستقبل المستدام؛ حيث اهتمت بطرق معالجة التكنولوجيا للتحديات المستمرة والناشئة عبر السنوات في الحياة اليومية، منتقلة من نهج الابتكار المتزايد إلى الابتكار المتنوع. اليوم، يشمل هذا النهج الاستثنائي للشركة الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.
في مدينة الأنوار والضواء، باريس، وحيث كشفت سامسونج إلكترونيكس مؤخراً وضمن فعالية Galaxy Unpacked عن أحدث ابتكاراتها المتطورة، كان لنا نصيب بالتعرف عن كثب على أبرز ما قدمته الشركة وتخطط لتقديمه بما يمكن الملايين من الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي، تحت شعار وضمن مبادرة "التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي للجميع"، وبما يضمن إتاحة الأفضل لهم بما يتجاوز الراحة، ويتعداها لأخذ البيئات والظروف المختلفة والاعتبارات الفردية في عين الاعتبار.
وخلال حضورنا للفعالية، ولقائنا مع نائب الرئيس التنفيذي ورئيس فريق الابتكار في المنتجات والخدمات لدى شركة سامسونج، باتريك شوميت، فقد أوضح لنا بأن مبادرة "سامسونج" تهدف في المقام الأول لتقديم نظام بيئي رقمي شامل من خلال الابتكار التكنولوجي المفتوح بالشراكة والتعاون مع قائمة من المؤسسات التكنولوجية المرموقة والموثوقة، لتحسين إمكانية الوصول والشمول الرقمي لجميع مستخدمي أجهزتها بالتركيز على الأجهزة المتنقلة، دون إغفال مسألة تدابير الأمن السيبراني القوية لحماية البيانات الشخصية للمستخدمين مع تحكم كامل بها من قبل المستخدمين أنفسهم، ودون المساومة على الأخلاقيات المهنية.
هذه الأخلاقيات بحسب شوميت تشمل أخلاقيات الذكاء الاصطناعي الآخذ بالتنامي السريع، والتي تقوم على العدالة باحترام الحقوق والمساواة والتنوع في الذكاء الاصطناعي، إلى جانب الشفافية بحيث يتم توعية المستخدمين بتفاعلاتهم مع الذكاء الاصطناعي وتمكينهم من فهم التكنولوجيا التي تقدم لهم على شكل أجهزة وتطبيقات بسيطة وسهلة الاستخدام دون تعقيدات، فضلاً عن المساءلة والمسؤولية التي تطبقها الشركة في العديد من المجالات التي تشمل المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية للذكاء الاصطناعي، لمنع أية انتهاكات لحقوق الإنسان، وضمان استفادة المجتمع ككل من هذا الذكاء وتطبيقاته عبر منتجات الشركة وخدماتها التي يعتمد تفوقها على المواهب التي تتمتع بها سامسونج، وعلى إرثها التقني.
ولعل المدهش ما قدمته سامسونج من منتجات وخدمات مدعمة بالذكاء الاصطناعي، والتي تتسم بما تتضمنه من إمكانيات لا محدودة توفر الدعم في الحياة اليومية وتسهيل تفاصيلها لمختلف الشرائح والفئات العمرية، بما في ذلك ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك عبر تلبية الاحتياجات الحسية: الرؤية، والسمع، والحركة، والتعرف، لتبرهن على سعيها الحثيث المتواصل لتكريس الابتكارات لتحسين تجربة العملاء مع مراعاة الاحتياجات الخاصة بكل منهم في تجربة تبدو كأنها موجهة لكل منهم على حدة.
كثيرة هي المنتجات والخدمات والمزايا والوظائف التي تألقت "سامسونج" معها في هذا المجال، والتي يذكر منها على سبيل المثال لا العد مما أزاحت الستار عنه في فعالية Unpacked 2024: سلسلة Galaxy Z Fold6، Galaxy Z Flip6، وGalaxy Watch Ultra، وGalaxy Watch7، وGalaxy Buds3، وGalaxy Ring، هذا إلى جانب ميزات مثل: قارئات الشاشات، ومكبرات النصوص وضبط الألوان لدعم الرؤية، إلى جانب أدوات توازن الصوت والتحكم الصوتي والوصول للمفاتيح، وهي الت يتفيد تحديداً من يعانون من ضعف الإدراك في التنقل عبر المحتوى الرقمي.
لقد قطعت "سامسونج" شوطاً في دمج الذكاء الاصطناعي، خاصة في ظل تطويرها للعديد من الوظائف العملية المتقدمة، مثل وظائف البحث التي تستفيد من التعلم العميق لتقديم نتائج شخصية. بالنسبة للمستخدمين ذوي الإعاقة، تعني مثل هذه الوظيفة: سهولة الوصول إلى المعلومات والموارد الرقمية، وتسهيل التنقل والتفاعل مع التكنولوجيا بشكل أكثر سلاسة.
ومن ناحية الشمولية، برزت الميزات الداعمة للصحة ضمن سلسلة Galaxy؛ إذ توفر منصة Samsung Health على سبيل المثال، النصائح الصحية والتعليمات الرياضية والتغذوية المخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي، ما يعني التكيف مع الاحتياجات الخاصة بكل مستخدم، وهي الميزة التي لا تقدر بثمن، والمعززة بأدوات مراقبة صحية مصممة للقدرات والظروف البدنية المختلفة، والتي تنعكس على جودة الحياة، فيما تقدم سلسلة Galaxy Watch ميزات المراقبة الصحية المتقدمة كتخطيط كهربية القلب واكتشاف السقوط، وهو ما يعد هاماً للعناية بكبار السن أو من يعانون من مشاكل حركية.
وبفضل شراكتها المستمرة مع جوجل لجعل التكنولوجيا في متناول الجميع، فقد أصبحت وظائف مثل التعرف على الصوت والترجمة في الوقت الفعلي أمراً حقيقياً على أرض الواقع؛ إذ يقدم مساعد جوجل في أجهزة "سامسونج" الآن تفاعلات أكثر دقة واستجابة، كما أنه يدعم مجموعة أوسع من اللهجات واللغات. مقابل ذلك، فإن ميزة مثل Live Caption تقدم نسخاً في الوقت الفعلي لمحتوى الصوت والفيديو، مما يجعل الوسائط أكثر سهولة من حيث الوصول للمستخدمين الصم أو ضعاف السمع.
وكونها تسعى لإرساء فعاليات الاستدامة في مختلف جوانب عملها، فما كان من "سامسونج" إلا مواصلة الحد من تأثير عملياتها البيئي؛ حيث كانت سباقة في دمج المواد المعاد تدويرها في منتجاتها وتغليفها، وفي الحد من استخدام البلاستيك، وتحسين تصميمات المنتجات لكفاءة الطاقة، وسط خطط لجعل جميع منتجات Galaxy أكثر صداقة مع البيئة واستدامة بحلول عام 2025 في إطار مبادرة "Galaxy For Planet"، والتي تركز على مجالات رئيسة مثل الحد من النفايات والتغليف المستدام وتحسين كفاءة الطاقة، وهو ما يتماشى مع الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ والتدهور البيئي.
وإذ تلتزم "سامسونج" بمسؤولياتها التي تضطلع بها، والتي لا تقتصر على تقديم أكبر قدر من الابتكارات والمنتجات والخدمات، فإنها ستواصل عملها على تقديم كل ما هو ما نافع ومعزز للوصول والاستدامة ضمن إطار أكثر شمولاً وسهولة ووعياً بالبيئة.