إعلان وفاة حجاج أردنيين وفقدان آخرين خلال الأيام الماضية، قوبل بتأكيدات رسمية حكومية أن المتوفين والمفقودين من غير بعثة الحج الرسمية، ما رأى فيه البعض محاولة للتنصل من مسؤولية رعاية مواطنين أردنيين.
حجاج يقفون على جبل عرفات
دعوات لمحاسبة "سماسرة" غرروا بحجاج أردنيين "غير نظاميين"
الحاج غير النظامي يُقيَّد كـ"مجهول الهوية" إذا أصيب
حراك على أعلى مستويات الدولة لمتابعة الأزمة
مصدر في وزارة الخارجية: بيان تفصيلي لأعداد الحجاج المتوفين خلال ساعات
إعلان وفاة حجاج أردنيين وفقدان آخرين خلال الأيام الماضية، قوبل بتأكيدات رسمية حكومية أن المتوفين والمفقودين من غير بعثة الحج الرسمية، ما رأى فيه البعض محاولة للتنصل من مسؤولية رعاية مواطنين أردنيين.
وزارتا الخارجية والأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية أعلنتا أنهما يتابعان رصد المفقودين والمتوفين ممن هم خارج البعثات الرسمية، من خلال خلية أزمة تي تعمل على تأمين عودة الحجاج الأردنيين إلى المملكة بأسرع وقت ممكن.
اقرأ أيضاً : خبير في قطاع الحج يتكهن لـ"رؤيا" عن مصير الحجاج المفقودين
كل ذلك فتح الطريق أمام مطالبات بمتابعة ورصد الإعلانات المخالفة للحج، ومعاقبة "السماسرة الضالعين" في عمليات إدخال الحجاج غير النظاميين إلى مكة.
وكانت مصادر على هذا الملف أكدت لـ"رؤيا" أن سماسرة غرروا بالأفراد الراغبين بتأدية فريضة الحج وأوهموهم بإمكانية تحقيق ذلك.
وكانت وزارة الخارجية في بيانها اليوم الثلاثاء أعلنت وفاة أكثر من 14 حاجاً أردنياً وفقدان 17 آخرين، موضحة أن الوفيات والمفقودين ليسوا من ضمن بعثة الحج الأردنية الرسمية، وتعرضوا لضربات شمس نتيجة لموجة الحر الشديدة.
ورغم تشديد السلطات السعودية وتأكيدها على عدم السماح بمثل هذه الممارسات إلا أن السماسرة استطاعوا اقناع الحجاج بإمكانية تجاوز الضوابط التي تضعها السلطات السعودية.
وقال المطلعون إن الحجاج غير النظاميين والذين توفي عدد منهم ولا زال من بينهم مفقودون تعرضوا لأشعة الشمس المباشرة ولم يجدوا خياماً تقيهم الحرارة أو خدمات تعينهم على تأدية مناسك الحج التي تعتبر شاقة ومرهقة، لا سيما لمن هم كبار في السن ويعانون من أمراض مزمنة.
اقرأ أيضاً : بيان من وزارة الخارجية حول الوفيات والمفقودين بين الحجاج الأردنيين
ووثق الحجاج أسماء ممن فقدوا وتوفوا، إلا أن أعداد أو أسماء الحجاج غير النظاميين لا يزال مجهولا نظرا لتوافدهم بطريقة غير قانونية بتسهيلات من "سماسرة".
وفي ظل تزايد أعداد الوفيات والمفقودين، تصدرت منصات التواصل الاجتماعي دعوات لذوي الحجاج غير النظاميين لتقديم شكاوى رسمية بحق القائمين على إرسال أقاربهم إلى مكة المكرمة بطريقة غير قانونية.
وبينت الدعوات أن التغرير بالأردنيين يندرج ضمن الاحتيال المالي، بل ويصل إلى حد الاتجار بالبشر.
وترك بعض السماسرة الحجاج في مناطق نائية وسط الصحراء، وفقا لمعلومات حصلت عليها "رؤيا"، محاولين التنصل من مسؤولياتهم بتأمين إيصال الحجاج لمناطق الإقامة التي تم الاتفاق عليها مسبقا.
وأشارت الدعوات إلى ضرورة تقديم شكاوى رسمية بحق المتورطين بنشر الإعلانات المخالفة، ونقل الحجاج داخل مكة من غير تصريح.
فيما يرى خبير قانون في حديث مع "رؤيا" أن أفعال السماسرة تشكل جريمة احتيال بالمعنى المقصود بالقانون.
اقرأ أيضاً : بيان مهم من وزارة الأوقاف حول أوضاع الحجاج الأردنيين
وأوضح أن المتضررين يستطيعون الحصول على تعويضات من السماسرة نظراً للخسائر والاضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم خلال محاولة تأدية فريضة الحج.
ويشار إلى أن وزارة الأوقاف تطبق إجراءات مشددة تجاه أي شركة معتمدة لغايات الحج بما فيها إلغاء الاعتماد وتسييل الكفالات في حال قيامها بمثل هذه التجاوزات.
"رؤيا" بحثت خلال الأيام الماضية في ملف الحجاج المخالفين ومن يقف وراء تسفيرهم وايهامهم بإمكانية الوصول إلى مكة وتأدية فريضة الحج.
ورفض عدد من المخالفين الإفصاح عن هوية هؤلاء السماسرة إلى الجهات المختصة لإخضاعهم للعقوبة القانونية المناسبة.
ورجحت مصادر مطلعة لـ"رؤيا" وصول عدد الأردنيين الذين توجهوا لتأدية مناسك الحج بطريقة غير نظامية إلى "أكثر من 10 آلاف شخص بحد أدنى".
اقرأ أيضاً : التربية تنعى معلمين اثنين وافتهما المنية أثناء تأدية فريضة الحج
وأوضحت المصادر أن السماسرة تقاضوا من الراغبين بالحج خارج النطاق الرسمي مبالغ مالية تراوحت ما بين الـ1500 و2000 دينار أردني عن الشخص الواحد.
حصد السماسرة مئات الالاف من خلال إرسال الحجاج إلى مكة وايهامهم بإمكانية تأدية مناسك الحج.
الكثير من الحجاج خارج بعثة الحج الأردنية الرسمية لا يحملون جوازات سفرهم أو إثبات هويتهم أثناء أداء المناسك، وإذا تعرض أحدهم لمضاعفات صحية، يُنقل إلى المستشفى ويُقيَّد كـ"مجهول الهوية"، بهذه الكلمات لخص الرئيس السابق للجنة السياحة الدينية بجمعية وكلاء السياحة والسفر الأردنية بلال روبين وضع الحجاج غير النظاميين في حال تعرضهم لمشاكل صحية.
وأضاف في حديث لـ"رؤيا" أن الأماكن التي يمكن أن يفقد فيها ضيوف الرحمن، البالغ عددهم 1,833,164 حاجًّا وحاجة هذا العام، هي عرفة ومزدلفة ومنى.
وأوضح أن المخاطر تتركز في تعرضهم لضربات الشمس أو الإصابة بالغيبوبة نتيجة التعب الجسدي والإرهاق.
وأشار إلى أن الحجاج التابعين للبعثة الرسمية يرتدون شارات توثق هويتهم، مما يسهل تحديدهم ومتابعة حالتهم. وهذا لا ينطبق على الحجاج من خارج البعثة الرسمية.
قضية الوفيات بين الحجاج الأردنيين المخالفين استدعت حراكا على أعلى مستويات الدولة الأردنية، وفق معلومات "رؤيا".
وشكلت وزارة الأوقاف فريقًا خاصًا لمتابعة إجراءات التعامل مع الوفيات والمفقودين، بالتنسيق مع وزارة الخارجية وشؤون المغتربين والسلطات السعودية.
وأكدت أن فريق الوزارة يتابع أوضاع الحجاج، سواء كانوا ضمن بعثة الحج الأردنية الرسمية أو من خارجها، وأكدت أنها لا تملك أي بيانات عن الحجاج غير النظاميين.
ويُذكر أن وزارة الأوقاف أصدرت تعميماً في آذار /مارس الماضي حثت فيه الأردنيين على عدم المشاركة في حجوزات رحلات الحج غير الرسمية المعلنة على بعض مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي بيان لوزارة الخارجية، الاثنين، أُعلن عن "ارتفاع عدد الوفيات والمفقودين بين الحجاج الأردنيين غير التابعين للبعثة الرسمية، بسبب ضربات الشمس نتيجة موجة الحر الشديدة"، فيما لم يشر البيان إلى عدد الأردنيين المفقودين بعد.
وأكدت مصادر "رؤيا" أن الوزارة ستصدر خلال الساعات القادمة بيانا تفصيليا لأعداد الوفيات والمفقودين بيتن الحجاج الأردنيين غير النظاميين.