أموال أردنية
دعوة لإدارة وتوجيه الحوالات بما يخدم الاقتصاد الوطني ويعود بالنفع عليه
أشار المنتدى إلى أن إطلاق هذه الورقة يأتي في ضوء الأهمية الكبيرة لحوالات المغتربين المتدفقة الى الاقتصاد الأردني
أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقة سياسات تحت عنوان "اقتصاديات حوالات المغتربين وأثرها على سعر الصرف الحقيقي الفعّال للدينار الأردني"، والتي تستعرض تدفقات حوالات المغتربين في العالم والأردن عبر الزمن، وتحلل أثر تدفقات الحوالات على سعر الصرف الحقيقي الفعّال للدينار الأردني وعلى الميزان التجاري، كما تقدم الورقة بعض التوصيات لتعظيم الاستفادة من الحوالات المالية في تعزيز العملية الإنتاجية.
وأشار المنتدى إلى أن إطلاق هذه الورقة يأتي في ضوء الأهمية الكبيرة لحوالات المغتربين المتدفقة الى الاقتصاد الأردني، والجهود التي يقوم بها المنتدى لتكوين فهم أفضل حول العديد من القضايا الاقتصادية في الحالة الأردنية، واستكمالاً للجهود التي قام بها المنتدى سابقاً في هذا الإطار، حيث أصدر ورقة بإيجاز تحت عنوان "اقتصاديات حوالات المغتربين: أين نحن، وما هي التبعات؟" وورقة سياسات تحت عنوان "الأردنيون في الخليج العربي: من الذي يحول، وكم؟ ولماذا يحول؟".
وعلى مستوى الأردن، أشارت الورقة الى أن إجمالي عدد المغتربين الأردنيين بلغ حوالي 924,850 ألف فرداً - وفق ارقام وزارة الخارجية وشؤون المغتربين لعام 2021 - وقد شكّل الأردنيون المغتربون في المملكة العربية السعودية ما نسبته 47% من إجمالي المغتربين الأردنيين.
فيما أصبح حجم تدفقات الحوالات المالية نسبة إلى الميزان التجاري في الأردن كبيراً جداً عبر الزمن. فقد وصلت النسبة إلى 27% من الصادرات الوطنية، و12% من إجمالي المستوردات للأردن في عام 2023.
وفي هذا السياق، بين المنتدى من خلال الورقة، أن مسألة تأثير الحوالات المالية على سعر الصرف الحقيقي الفعال لفتت انتباه الكثير من الباحثين، نظراً لكون تدفقات حوالات المغتربين في الاقتصادات المفتوحة والصغيرة تؤدي إلى زيادة دخل الأسر، وزيادة الإنفاق على السلع والخدمات القابلة للتجارة (للاستيراد والتصدير) كالسيارات وبرامج الحاسوب، وغير القابلة للتجارة كوجبات الطعام أو الشقق سكنية وغيرها من هذا النوع من السلع.
وأضاف المنتدى، "ينتج عن الازدياد في الطلب على السلع والخدمات - تحديداً المنتجات غير القابلة للتصدير والاستيراد - في الاقتصادات الصغيرة والمفتوحة تأثيرين اقتصاديين مهمين، الأول "تأثير زيادة الإنفاق؛ فعند ازدياد الطلب على السلع والخدمات المنتجة محليا وغير القابلة للتجارة (التصدير والاستيراد) يتسبب ذلك في ارتفاع أسعارها، كون أسعار هذه السلع تُحدد في السوق المحلي. وبدوره، يؤدي ارتفاع أسعار السلع المحلية إلى زيادة "سعر الصرف الحقيقي الفعّال (REER) للعملة المحلية".
ولقياس أثر التحويلات على سعر الصرف الحقيقي الفعّال للدينار الأردني، استخدم المنتدى البيانات السنوية للفترة (1990 - 2023) لكل من متغير سعر الصرف الحقيقي الفعّال للدينار، ومتغير حوالات المغتربين (Remittances)، وأيضاً متغير نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (Real Gross Domestic Product Per Capita)، حيث بينت تحليلات المنتدى ارتفاع سعر الصرف الحقيقي الفعّال للدينار الأردني من 89.08 عام 1990، إلى 137.8 عام 2022، أي بمعدل ارتفاع بنسبة 54.7%.
كما أظهرت تحليلات المنتدى وجود علاقة تكامل مشتركة طويلة الأجل ما بين سعر الصرف الحقيقي الفعّال وتدفق الحوالات المالية، مشيراً إلى أن ازدياد قيمة حوالات المغتربين بنسبة 10%، يؤدي الى ارتفاع سعر الصرف الحقيقي الفعّال بنسبة تقدر بحوالي 2.13% على المدى الطويل.
اما التأثير الثاني فهو "تأثير الانتقال في عوامل الإنتاج"، حيث إن الارتفاع النسبي في أسعار السلع والخدمات غير القابلة للتصدير، يُشجع على الانتقال/ التحول في موارد الانتاج (الأرض، ورأسمال، والعمالة، والادارة) من القطاع الصناعي والزراعي القابل للتجارة (سلع الصادرات)، إلى القطاع المحلي لإنتاج السلع والخدمات غير القابلة للتصدير، مما يؤدي إلى تراجع الصادرات.
واختتم المنتدى بالتنويه الى أن تعزيز الاستفادة من حوالات المغتربين يُعتبر فرصة لتعزيز التنمية الاقتصادية المحلية. وبالأخص عند توجيه هذه الحوالات بشكل استراتيجي نحو الاستثمارات المحلية، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مما يعزز من النمو الاقتصادي، وإيجاد فرص عمل جديدة.
ولتعظيم الاستفادة من حوالات المغتربين الأردنيين، أكد المنتدى على ضرورة إيلاء هذه القضية الأولوية القصوى لدى جميع أصحاب العلاقة لتبني خطوات عملية وفعّالة تسهم في إدارة وتوجيه تلك الحوالات بما يخدم الاقتصاد الوطني ويعود عليه بالنفع.
وفي سياق ذلك، أوصى المنتدى بضرورة العمل على تعزيز تنافسية الصناعة الوطنية والمنتجات الزراعية في الأسواق العالمية من خلال تخفيض كلف الإنتاج ودعم بيئة الأعمال، مما يحد من خطر تأثير الحوالات على زيادة الواردات، وانخفاض الصادرات، وبالتالي التخفيف من العجز في الميزان التجاري.
كما دعا المنتدى الى الإسراع في تطوير قطاع الخدمات والأسواق المالية في الأردن، وفق أولويات ومبادرات رؤية التحديث الاقتصادي، لجذب الاستثمارات من المغتربين الأردنيين، وتعظيم الاستفادة منها كتوجيه الأموال في صندوق المغتربين الأردنيين، الذي أعلن عن إنشائه مؤخرا، نحو القطاعات الإنتاجية.
ولفت المنتدى إلى أهمية حث المجتمع الأكاديمي، والمراكز الفكرية والبحثية، ودائرة الاحصاءات العامة على اجراء الدراسات الاستقصائية الدورية حول كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للأردنيين العاملين في الخارج وسلوكياتهم المالية؛ ويشمل ذلك الوقوف على عددهم الكلي، وتوزيعهم الجغرافي، وخصائصهم الاجتماعية والاقتصادية، وأوجه إنفاق حوالاتهم، وغيرها. مشيراً إلى أن هذه البيانات ستساعد في توجيه السياسات العامة بشكل فعّال في تعزيز المنافع الاقتصادية (والاستثمارية) من هذا التدفق المالي والمهم. علاوة على إجراء دراسات وأبحاث دورية لتحليل كافة جوانب تأثير التحويلات المالية على الاقتصاد الأردني.
وأضاف المنتدى: "لا بد من فهم ديناميكيات أسواق العمل الإقليمية والعالمية، بما في ذلك الوظائف المتاحة، واحتياجات العمالة، والمنافسة التي يواجهها الأردنيون. والذي سيساهم بدوره في تعظيم الفرص الاقتصادية المناسبة للأردنيين، وبالتالي تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد البشرية".
وأكد المنتدى ضمن التوصيات على ضرورة الاستثمار الحكومي في التعليم الجيد لتزويد الأردنيين بالمعرفة والمهارات اللازمة في الريادة والابتكار والإبداع، من أجل العمل على تعزيز تنافسية المنتجات والخدمات المحلية، ولمواجهة تحديات المنافسة في أسواق العمل العالمية.